إذا كان الذي يُسيطر على الماضي سيسيطرُ على المستقبل كما قال جورج أورويل، هل يمكن إذن أن نقول بأنّ انتصارًا عسكريًّا وحتى إن كان في معركة غير هامَّة ساهم بشكلٍ كبير في تكوين التاريخ البشريّ؟ بل وتغيير مساره بالطَّبع. المؤلِّف إريك دورشميت في كتابه «دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ» يذهب إلى أنّ الغباء كان عاملًا رئيسيًّا لتغيير عناوين كتب التاريخ، كذلك كان للصُّدف أو قُل للطَّبيعة دورها في ذلك. في هذا التقرير سنعرض عليك أربعة نماذج لهذا الـ «غباء» العسكريّ الذي ستفاجأ به حين تقرأ أن هناك قادة عسكريين وقعوا فيه!
بعد مرحلة خاضها جيش هنري الخامس في غزو الشمال الفرنسي، وفي عودته لحصنه كالايس، والذي كان يفصلهُ عنه مسافة يومٍ واحدٍ فقط، كانت المفاجأة، جيشًا عرمرمًا فرنسيًّا كان يتعقَّبه للإيقاعِ به، بقيادة جون لومانغز، والقائد المحنك شارل دالبرت، الجيش الفرنسي كان قوامه كبيرًا جدًا بالنسبة للجيش الإنجليزي، القوات الإنجليزية كانت ما بين 6 إلى 8 آلاف جندي من ضمنهم 5 آلاف رامي سهام. بينما كانت القوات الفرنسية تتجاوز العشرة آلاف. بعض المؤرخين يقول إن العدد كان 25 ألف للفرنسيين و5 آلاف فقط للإنجليز. أيًا يكن فقد كان عدد قتلى الفرنسيين هذا اليوم قد وصل 10 آلاف قتيل!
هشام جابر
كان وضع البريطانيين كالتالي: قائد واحد محنَّك هو هنري الخامس، رماة السهام الطويلة الذين كانوا هم القوة الضاربة للجيش البريطاني خلال حرب المائة عام، والجوع يأكل بطونهم بينما كانت الديزنتاريا وبعض الأمراض الأخرى تتعقبهم. لكن على الناحية الأخرى كان عدد الفرنسيين كبيرًا جدًّا، ولكنهم متفرِّقون بين كونتات ونبلاء يتصارعون فيما بينهم. شارل دالبرت غيَّر أرض المعركة ثلاث مرات في هذا اليوم ليختار المكان الأنسب للمعركة، وفي النهاية اختار سهلا زراعيّا عرضُهُ نصفُ ميل في أجينكورت. طلب الملك هنري الخامس السلام لكنّ النبلاء الفرنسيين كان جوابهم واضحًا: الموت لهنري الخامس.